إسطنبول | لم يكن اللاجئون الأكراد المتدفقون إلى تركيا، هم التأثير الوحيد لمعارك عين العرب (كوباني) على الداخل التركي. إذ شهدت مدن تركية عدة تظاهرات ومواجهات عنيفة احتجاجاً على سياسات القيادة التركية إزاء المعركة الدائرة في عين العرب، ما أدى إلى مقتل رجل في مدينة موش جنوب شرق البلاد، واعتقال مئات المواطنين.
وهاجم المتظاهرون عدداً من المباني الحكومية والمصارف والمتاجر، وأحرقوها رافعين أعلام «حزب العمال الكردستاني» و«وحدات الحماية الشعبية» الكردية.
وأعلنت قوات الأمن حالة الطوارئ ومنع التجوال في مدينتي وان، وماردين المجاورة لمدينة القامشلي السورية.
في هذا الوقت، اتخذت قوات الأمن والجيش تدابير شاملة وعاجلة في جميع أنحاء البلاد، لمواجهة كل الاحتمالات، خصوصاً في المدن الكبيرة مثل إسطنبول وأنقرة، وفي مدن ذات الأغلبية الكردية جنوب شرق البلاد. وتتخوف السلطات الحكومية من أن تستفز هذه التظاهرات العصب القومي التركي، ما قد يدفع القوميين إلى الخروج للشوارع، والتصادم مع الأكراد المدعومين بتيارات وجماعات يسارية.
وجاء هذا التصعيد من قبل المواطنين الأكراد بعد تصريحات لرئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، صباح أمس، توقع خلالها سقوط عين العرب «في أي لحظة»، مؤكداً ضرورة الاستعجال في دعم «المعارضة السورية المعتدلة» لإسقاط الرئيس بشار الأسد ومحاربة «داعش». وسبق ذلك تصريحاتٌ لزعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان المسجون في جزيرة إمرلي، حين هدد بنسف عملية السلام بين حزبه وأنقرة، في حال حصول مجزرة في كوباني. وأمهل أوجلان الحكومة حتى ١٥ الشهر الجاري لاتخاذ موقف واضح وصريح ضد «داعش» وحربها على الشعب الكردي.
ورأى محللون الموقف التركي «تكتيكاً ذا أهداف مختلفة تساعد أنقرة على كسر شوكة أكراد سوريا المتضامنين مع حزب العمال الكردستاني التركي، وإجبارهم على التنسيق والتعاون مع رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني» المنافس لأوجلان في زعامة الشارع الكردي إقليمياً. ورأى آخرون أن أنقرة التي سكتت عن سيطرة «داعش» على البوابة الحدودية في مدينتي جرابلس وتل أبيض السوريتين، صيف العام الفائت، لم تحرّك ساكناً في موضوع عين العرب حتى لا تجد نفسها أمام مواجهة مع «داعش»، خصوصاً في هذه المرحلة حيث تسعى أنقرة لاستغلالها من أجل إقناع واشنطن بضرورة العمل المشترك ضد «داعش» والنظام السوري معاً، وذلك بواسطة الحزام الأمني الذي تسعى إليه تركيا منذ وقتٍ طويل. من جهتها، اتهمت قيادات حزب «ديمقراطية الشعوب» ـ الجناح السياسي لحزب «العمال الكردستاني»ـ الحكومة التركية باستمرار دعمها لـ«داعش» التي تحاصر عين العرب.
1 تعليق
التعليقات
-
أضافة أعتقد هامةعند الاكراد عموما سر نجاح طموحات أردوغان ولديهم قوة إفشالها وإفشاله. لابد كي ينجح أردوغان في مشروعه الخلافوي القائم على النزعة الدينية(الطائفية عموما) من إشعار وتأطير الاكراد في إصطفافات مذهبية دينية وإطفاء غلبة نزعتهم القومية السائدة عموما (قوة حزب العمال). أصطدمت التنظيمات الارهابية المدعومة من قبل تركيا بالخصوص مثل داعش بالاكراد وسيكون كنتيجة لهذا الاصطدام الدموي عودة النزعة القومية بقوة للأطراد وإبتعادهم عن إتباع طروحات أردوغان الدينية...بالنتيجة سيراجع حزب العمال الكردي مجبرا مهادنته للمشروع الاردوغاني وإذا لم يتوافر لأردغان اسباب مايخططه بإتجاه سوريا ويتمكن من تخفيف ضغط اللاجئين السوريين عنده سيكون كمن راهن بكل أوراقه على رقم وخسر...ومع عودة الروح القومية للأكراد لتسود ستعود النزعة القومية التركية ولربما نرتاح قليلا من حماقة المشروع الديني لهذا الحالم بالخلافة والحرملك...