تُثار تساؤلات جدّية حول مدى إمكانية نجاح الشكوى في دفع إسرائيل إلى وقف الحرب في غزة
اختيار باراك: «تمثيل دور الضحية» نهج إسرائيلي
عملاً بأحكام الاتفاقية، والتي تقضي بانتداب قاضيَين إضافيَين لتمثيل طرفَي النزاع، ضمن هيئة المحكمة، إلى جانب القضاة الخمسة عشر، الذين يؤلّفون هيئة المحكمة الأصيلين، أثار وقوع اختيار حكومة الاحتلال على القاضي أهارون باراك، لهذه الغاية، انتباه المتابعين، بعد أنباء أولية كانت ترجّح فرضية تكليف أحد القضاة الأميركيين بتلك المهمّة. وفي هذا الصدد، يشير أستاذ القانون ورئيس برنامج الأمن القومي والقانون في «معهد الديموقراطية في إسرائيل»، أميحاي كوهين، إلى أن استعانة حكومة نتنياهو بباراك، تُعدّ ملحوظة لسببَين: الأول، هو نية الأخيرة إرسال رسالة مفادها «أنها تأخذ الشكوى المقدّمة ضدّها على محمل الجدّ، وأنها بصدد القيام بكل ما في وسعها لإنجاح مساعيها» في رد الدعوى وإثبات بطلانها، فيما يتّصل الثاني بمحاولتها الاستفادة من نجاح باراك في تسويق نفسه كـ»شخصية مستقلّة»، على نحو يدفع عنه التهم التي قد توجَّه إليه من قِبَل الداخل والخارج، على أنّه «مبعوث للحكومة الإسرائيلية»، في إشارة إلى تخوّف نتنياهو من تضاؤل حماسة حلفائه الغربيين لدعم ائتلافه الحكومي وممارساته في غزة. ومن جهته، يقول الصحافي الإسرائيلي، عميت سيچال: «بما أن الدعوى القضائية مبنيّة على ادّعاء بالإبادة الجماعية، وهو مفهوم تطوّر في القانون الدولي بعد المحرقة، فإن تعيين أحد الناجين من المحرقة يُعدّ أمراً على درجة من الأهمية» في هذا السياق.
«العدل الدولية»: تحدّي الفاعلية
وفيما سيتمّ البدء بجلسات الاستماع اليوم الخميس، على أن تستمر غداً الجمعة، تُثار التساؤلات حول مدى إمكانية نجاح الشكوى في دفع إسرائيل، في ضوء تمتّعها بغطاء دبلوماسي وعسكري أميركي منقطع النظير، إلى وقف الحرب في غزة. ذلك أن قرارات المحكمة، وإنْ كانت ملزمة قانوناً، إلّا أنه لا يتمّ احترامها غالباً لاعتبارات سياسية، أساسها التوازنات الدولية التي تخضع لها كلّ هيئات الأمم المتحدة، و»العدل الدولية» ضمناً، وهذا ما حدث مثلاً لدى اعتماد المحكمة، في آذار 2022، قراراً يدعو روسيا إلى وقف الأعمال العدائية في أوكرانيا، الأمر الذي تجاهلته موسكو. وفي ظلّ ترجيح إصدار حكم مؤقت من جانب المحكمة في غضون أسابيع، في انتظار قرار نهائي قد يستغرق سنوات، تؤكد المديرة المساعدة لـ»برنامج العدالة الدولية» في منظمة «هيومن رايتس ووتش»، بلقيس جرّاح، أنّ القضية المرفوعة من قِبَل جنوب أفريقيا «توفّر فرصة مهمّة لمحكمة العدل الدولية من شأنها أن تسمح لها بالتدقيق في تصرّفات إسرائيل في غزة، وفقاً لأحكام اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948»، موضحةً أن الدولة الأفريقية «تتطلّع إلى الحصول على إجابات واضحة وحاسمة حول ما إذا كانت إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضدّ الشعب الفلسطيني». وتعرب الجرّاح عن أملها في أن تعطي الشكوى «دفعاً إضافيّاً أكبر على المستوى الدولي لجهود إحقاق العدالة بصورة محايدة، ونزيهة، سواء أمام «الجنائية الدولية»، أو غيرها من الهيئات (الدولية القضائية)».