وعزز موقف شكري المنتقد لسياسات أميركا وإسرائيل من توليه الحقيبة في الحكومة، وخاصة أن تاريخه الدبلوماسي مليء بالمواقف العنيدة والمتصلبة تجاه الولايات المتحدة وإسرائيل، حتى إن اختلفت مع التوجه العام للحكومة المصرية في وقت من الأوقات.
وتحدثت مصادر دبلوماسية لـ«الأخبار» أنه رغم مواقف شكري المتشددة والرافضة لسياسات واشنطن وإسرائيل بشكل خاص، فإنهم تحدثوا أيضاً عن قربه من نظام مبارك ومشاركته في ملف التوريث ومسؤوليته عن الترويج لجمال مبارك في أميركا بعد أن تعاقدت وزارة الخارجية وقتها مع إحدى شركات الدعاية والإعلان الأميركية لتحسين صورة مبارك في الخارج. وكانت تقارير إعلامية مصرية قد نشرت برقية دبلوماسية أميركية حصل عليها موقع «ويكيليكس» وسُرِّبت في آذار 2011، أعربت فيها عن قلق الولايات المتحدة من صلابة السفير سامح شكري في واشنطن سابقاً ومواقفه الهجومية ضد السياسات الأميركية، حيث إن «التحفظات على شكري تجسدت بوضوح في عمله في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وإن الوفد المصري هو من أكثر الوفود صعوبة في التعامل، حيث يحشد الدعم لمواقف لا تؤيدها الولايات المتحدة». ويرى مراقبون للشأن الدبلوماسي المصري أنه رغم وجود العديد من الملفات الشائكة والمضرة على الصعيد الدولي لمصر خاصة في دول الجوار، فإن «شكري سيواجه قدراً كبيراً من الاهتمام في الملف الفلسطيني، فقد كانت له تصريحات شهيرة في إحدى المداخلات في مجلس حقوق الإنسان في آذار 2008، قال فيها إن «المقاومة الفلسطينية تقاوم محتلاً أجنبياً على أراضيها»، وهو ما يطرح تساؤلات كبيرة عن تعامل الوزير الجديد مع الأطراف الفلسطينية المختلفة، وخاصة المقاومة الفلسطينية في غزة وحركة «حماس».
من المتوقع
أن يعطي شكري اهتمامًا كبيرًا بالملف الفلسطيني
كذلك أبرزت البرقية الأميركية أن الوفد المصري بقيادة شكري قاد حملة ضد مشروع تقدمت به المنظمات غير الحكومية تربط الإسلام بانتهاك حقوق الإنسان في قضايا مثل جرائم الشرف وختان البنات، وسلطت البرقية نفسها الضوء على شخصية شكري، موضحةً أن مظهره المتأنق على أحدث طراز ولباقته لا يتناسبان مع فظاظته، وخاصة مع الدبلوماسيين الغربيين، والضيوف الذين يأتون إلى السفارة المصرية بصحبة مسؤولين أميركيين. والتحق السفير سامح شكري بالسلك الدبلوماسي المصري في عام 1976، وتنقل في عمله كسفير في سفارات مصر في لندن والبعثة المصرية الدائمة في نيويورك. كذلك فإنه ترأس القسم الخاص بالولايات المتحدة وكندا في وزارة الخارجية بين عامي 1994-1995، ثم عمل سكرتيراً للرئيس مبارك للمعلومات بين عامي 1995 و1999، وعمل مديراً لمكتب وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط (2004-2005)، وسفيراً لمصر في النمسا والممثل الدائم لمصر لدى المنظمات الدولية في فيينا (1999- 2003). كذلك رشحته الحكومة المصرية لتقلد منصب مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة في جينيف من عام 2005 وحتى عام 2008، مختتماً عمله في وزارة الخارجية سفيراً لمصر في واشنطن من 2008 حتى أحيل على التقاعد في 2012.
ومن أهم الملفات على قائمة الوزير الجديد سيكون الملف الأفريقي بعد ساعات من الإفراج ورفع الحظر عن النشاط المصري في الاتحاد الأفريقي، وحضور مصر القمة الأفريقية المقبلة، فضلاً عن مشكلة حوض النيل وسد النهضة الإثيوبي، بعد أن نجح فهمي في وقف الدعم الدولي لبناء السد لمخالفته شروط اتفاقات الأنهار الدولية التي تنص على ضرورة موافقة دولة المصب. ومن أول الملفات التي سيحسمها الوزير الجديد، ملف الحركة الدبلوماسية المصرية التي أعدها فهمي، ولكنها لا تزال تحت قيد المراجعة والاعتماد، لوضع رؤيته في اختيار سفراء مصر في الدول المهمة وداخل دائرة الاهتمام الأولى لمصر، وتحديد آليات التعامل مع تركيا وقطر وإيران.
وكان قرار محلب باستبعاد الوزير السابق نبيل فهمي قد أثار استغراب مصادر في وزارة الخارجية. وقال مصدر دبلوماسي قريب الصلة بفهمي، إن الملف الليبي كان أحد أهم الملفات التي أطاحته من الوزارة بعد اتخاذ قرار بسحب أعضاء السفارة المصرية من طرابلس، والاكتفاء باثنين من الموظفين لتسير أعمال المصريين في ليبيا، وذلك رغم تعرض العديد من المصريين للقتل والاختطاف من قبل العشائر الليبية المتنازعة على الحكم، وعدم اتخاذ اجراءات صارمة لحمايتهم.
وأكدت مصادر لـ«الأخبار» أن موضوع «أخونة» وزارة الخارجية الذي كانت «الأخبار» قد كشفته سابقاً كان سبباً إضافياً. وأضاف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه لحساسية منصبه، لـ«الأخبار»، أن أداء فهمي عموماً لم يكن محل انتقاد من الرئيس السيسي أو رئيس الوزراء. وأشار المصدر إلى أن بعض تصريحات فهمي التي كانت سبباً في الهجوم الحاد عليه، قد تكون سبباً في إطاحته من الوزارة مثل التصريح الشهير بـ«الزواج المصري ـ الأميركي»، لكن هذه التصريحات في مجملها لم تكن مؤشراً على تقليل الأداء الدبلوماسي لفهمي في مساعيه الدبلوماسية على دوائر السياسة الخارجية المصرية كافة.