لم يستطع «العسكري» تدريب قوات المعارضة لانشغاله بالتطورات الداخلية
وفي ظلّ غياب السودان، يبدو أن حالة السيولة السياسية والأمنية ستستمرّ في جنوب السودان، وأن المهلة الجديدة الممنوحة للأطراف ستكون من دون جدوى، في ضوء التعقيدات التي طرأت على المشهد بعد مجزرة فضّ الاعتصام، وتأثيراتها المحتملة على المصالح الاقتصادية للجنوب، خصوصاً منها تدفق النفط الذي يمرّ عبر الأراضي السودانية، ويُعتبر المورد الوحيد الذي تستغله جوبا في تمويل تنفيذ بنود الاتفاق. لكن المحلل المتخصص في الشأن الجنوبي، مصطفي سري، يرى أن تعليق عضوية السودان لن يكون تأثيره كبيراً على اتفاق السلام، مبرراً ذلك بأن «إيغاد، التي رعت المفاوضات، هي التي تشرف بصورة مباشرة على الاتفاق، وهي تضمّ عدداً من الدول، أبرزها إثيوبيا، ذات النفوذ في المنطقة»، علماً بأن إثيوبيا ترأس هيئة «إيغاد»، ويقع فيها مقرّ الاتحاد الأفريقي. ويلفت سري، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «إثيوبيا تلعب دوراً في حل الأزمة الماثلة بوساطة يقودها رئيس الوزراء آبي أحمد، ما يعني أن أديس أبابا تضطلع بدورها الإقليمي في دولتَي السودان لحل أزماتهما الداخلية»، مشدداً على أن «توافر الإرادة السياسية لأطراف السلام هو الأهم قبل البحث عن ضامن خارجي».
ومنذ تمديد عمر الفترة ما قبل الانتقالية الشهر الماضي، وعلى رغم تعهدات «العسكري» بالتزام الاتفاقيات مع جنوب السودان، إلا أنه لم يستطع تدريب أعداد كبيرة من قوات المعارضة المسلحة التي وصلت إلى مواقع التجمع والتدريب في منطقة غرب بحر الغزال (شمال غرب)، وإقليم أعالي النيل (شمال شرق)، الشهر المنصرم، لانشغاله بالتطورات الداخلية، علماً بأنه لن يكون بمقدوره إحداث أي اختراق في الملف، حتى وإن لم يتم تجميد عضويته في الاتحاد الأفريقي. وفي هذا الإطار، يرى الكاتب في صحيفة «الموقف»، سايمون دينق، أن تعليق عضوية السودان «يعني سقوط العمود الفقري لعملية السلام». «فالسودان، عدا رعايته واحتضانه للاتفاقية، هو أيضاً واحد من أدوات تنفيذها»، يقول، مشدداً على أن غياب السودان «ليس بالأمر الذي يمكن ترميمه أو القفز فوقه، مع الوضع في الاعتبار أن الاتفاقية كانت تعاني أصلاً من مشكلات عديدة في ظلّ وجود السودان». ويشدد دينق على أن «المطلوب حالياً من أطراف الاتفاقية أن يجلسوا حول الطاولة من جديد لمناقشة سير الاتفاقية على ضوء خروج السودان، وأن يجدوا الوسائل اللازمة لسدّ الفجوة التي خلّفها غيابه».