السؤال الآن عن أي دستور سوريّ سيقترحه أردوغان عبر «اللجنة الدستورية»
والسؤال الآن، أي دستور سيقترحه أردوغان ـــ عبر نفوذ بلاده في «اللجنة الدستورية» المفترضة ـــ على نظيره السوري؟ وماذا سيفعل أردوغان إن قال الأسد إنه يريد تطبيق الدستور التركي القديم (ما قبل نيسان 2017)؟ ثم ماذا سيفعل إن قال الأسد إنه يريد دستوراً جديداً كالدستور الروسي أو الإيراني؟ إذن، ومهما كان الدستور ملزماً بالنسبة إلى أي نظام، فالأهم هو النيّة والإرادة الحقيقية للالتزام بنصه وعدم استغلال الصلاحيات التي يمنحها في مصلحة شخصية أو ضد مصلحة البلد. كذلك فإن الدستور يجب أن يكون مقبولاً من الشعب، وهنا يواجه الكثير من الدول أزمات جدية نتيجة تزوير نتائج الاستفتاءات. ففي تركيا مثلاً، اتهمت احزاب المعارضة أردوغان بتزوير نتائج الاستفتاء على الدستور، من أجل أسلمة الدولة والمجتمع التركي، وبأغلبية 42.5% من الأصوات.
في جميع الأحوال، جعل الدور التركي في سوريا، منذ بدايات الأزمة، من الرئيس أردوغان لاعباً أساسياً في مجمل السيناريوات المستقبلية، ما يؤهله للحديث بقوة عن أفكاره الخاصة التي يريد لها أن تضمن لتركيا دوراً في سوريا الجديدة، بشكل مباشر أو عبر الفصائل والقوى الإسلامية التي يتعاون معها الآن على طول الشريط الحدودي من جرابلس إلى الباب، ومنها إلى أعزاز وعفرين وأخيراً إدلب. كما تتحدث معلومات صحافية باستمرار عن مساعي أنقرة لتحويل هذه المناطق إلى حاضنة اجتماعية، عبر كسب ودّ السوريين المقيمين فيها لأردوغان وحزبه وعقيدة الأخير «الإخوانية». فالدولة التركية تقدم لسكان هذه المناطق خدمات كبيرة في جميع المجالات، وخاصة الصحة والتعليم والمياه والكهرباء والتجارة وغيرها. وهو ما سيضمن للرئيس أردوغان تأييد هؤلاء، ومعهم السوريون المقيمون في تركيا، لأي مرشّح أو مرشّحِين مدعومين من أنقرة في انتخابات الرئاسة السورية أو الانتخابات البرلمانية التي ستكون تحت إشراف ورقابة مفترضين من الأمم المتحدة.
وفي الوقت الذي لا تهمل فيه بعض الأوساط السياسية والعسكرية والديبلوماسية الحديث عن نيات أردوغان البقاء في الشمال السوري لفترة أطول، وإلى أن يتم الحسم النهائي للأزمة السورية بأيّ صيغة كانت، كان الجنرال التركي المتقاعد حلمي صولماز تورك قد تحدث قبل فترة عن نية أردوغان عدم الخروج من غرب الفرات بحجة الوجود الأميركي في شرقه، والعكس صحيح. فأميركا أيضاً، والقول لصولماز تورك، سوف تستخدم حجة الوجود التركي لتبقى، ومعها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، شرق الفرات.
باختصار، ومهما كانت التطورات المرتقبة في إدلب، أو كان مصير الإرهابيين الأجانب فيها، فإن تركيا لا تريد لهذه الأزمة أن تنتهي لصالح الدولة السورية أو «نظام الأسد»، على حدّ قول أردوغان، ما يعني أنه كلما طالت الأزمة، كسب الأخير المزيد من الوقت لتسويق أفكاره وترسيخها بين السوريين في الشمال وعموم سوريا.